سورة ق - تفسير تفسير الخازن

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (ق)


        


قوله عز وجل: {ق} قال ابن عباس: هو قسم وقيل: هو اسم للسورة وقيل اسم من أسماء الله وقيل اسم من أسماء القرآن وقيل هو مفتاح اسمه القدير والقادر والقاهر والقريب والقابض والقدوس والقيوم. وقيل: معناه قضى الأمر أو قضى ما هو كائن. وقيل: هو جبل محيط بالأرض من زمردة خضراء متصلة عروقه بالصخرة التي عليها الأرض والسماء كهيئة القبة وعليه كتفاها وخضرة السماء منه والعالم داخله ولا يعلم ما وراءه إلا الله تعالى ويقال هو من وراء الحجاب الذي تغيب الشمس من ورائه بمسيرة سنة {والقرآن المجيد} أي الشريف الكريم على الله الكثير الخير والبركة واختلفوا في وجواب القسم قيل جوابه محذوف تقديره لتبعثن وقيل جوابه بل عجبوا وقيل ما يلفظ من قول وقيل قد علمنا ومعنى {بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم} إنكار لتعجبهم مما ليس بعجب وهو أن يخوفهم رجل منهم قد عرفوا وساطته فيهم وعدالته وأمانته وصدقه {فقال الكافرون هذا شيء عجيب} أي معجب غريب {أئذا متنا وكنا تراباً} أي حين نموت ونبلى نبعث وترك ذكر البعث لدلالة الكلام عليه {ذلك رجع بعيد} أي يبعد أن نبعث بعد الموت قال الله تعالى: {قد علمنا ما تنقص الأرض منهم} أي ما تأكل الأرض من لحومهم ودمائهم وعظامهم لا يعزب عن علمنا شيء {وعندنا} أي مع علمنا بذلك {كتاب حفيظ} بمعنى محفوظ أي من التبديل والتغيير وقيل حفيظ بمعنى حافظ أي حافظ لعددهم وأسمائهم ولما تنقص الأرض منهم وهو اللوح المحفوظ وقد أثبت فيه ما يكون.


{بل كذبوا بالحق} أي بالقرآن {لما جاءهم} قيل: معناه كذبوا به لما جاءهم. وقيل: كذبوا المنذر لما جاءهم {فهم في أمر مريج} أي مختلط ملتبس قيل معنى اختلاط أمرهم قولهم للنبي صلى الله عليه وسلم مرة شاعر ومرة ساحر ومرة معلم مجنون ويقولون في القرآن مرة سحر ومرة رجز ومرة مفتري فكان أمرهم مختلطاً ملتبساً عليهم وقيل في هذه الآية من ترك الحق مرج عليه أمره والتبس عليه دينه وقيل ما ترك قوم الحق إلا مرج عليهم أمرهم؛ ثم دلهم على عظيم قدرته فقال تعالى: {أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها} أي: بغير عمد {وزيناها} أي بالكواكب {وما لها من فروج} أي: شقوق وصدوع {والأرض مددناها} أي بسطناها على وجه الماء {وألقينا فيها رواسي} أي: جبالاً ثوابت {وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج} أي: من كل صنف حسن كريم يبتهج به أي: يسر به {تبصرة} أي جعلنا ذلك تبصرة {وذكرى} أي تذكرة {لكل عبد منيب} أي: راجع إلى الله تعالى والمعنى ليتبصر ويتذكر به من أناب {ونزلنا من السماء ماء مباركاً} أي كثير الخير والبركة فيه حياة كل شيء وهو المطر {فأنبتنا به} أي: بذلك الماء {جنات} أي بساتين {وحب الحصيد} يعني البر والشعير وسائر الحبوب التي تحصد {والنخل باسقات} أي: طوالاً وقيل مستويات {لها طلع} أي: ثمر يطلع ويظهر ويسمى طلعاً قبل أن يتشقق {نضيد} أي: متراكب بعضه على بعض في أكمامه فإذا تشقق وخرج من أكمامه فليس بنضيد {رزقاً} أي: جعلنا ذلك رزقاً {للعباد وأحيينا به} أي: بالمطر {بلدة ميتاً} فأنبتنا فيها الكلأ والعشب {كذلك الخروج} أي: من القبور أحياء بعد الموت.


{كذبت قبلهم قوم نوح وأصحاب الرس وثمود وعاد وفرعون وإخوان لوط وأصحاب الأيكة} قيل: كان لوط مرسلاً إلى طائفة من قوم إبراهيم ولذلك قال إخوان لوط {وقوم تبع} هو أبو كرب أسعد تبع الحميري وقد تقدم قصص جمعهم قيل ذم الله عز وجل قوم تبع ولم يذمه وذم فرعون لأنه هو المكذب المستخف لقومه فلهذا خص بالذكر دونهم {كل كذب الرسل فحق وعبد} أي: كل هؤلاء المذكورين كذبوا رسلهم فحق وعيدي أي وجب لهم عذابي وقيل فحق وعيدي للرسل بالنصر {أفعيينا بالخلق الأول} هذا جواب لقولهم ذلك رجع بعيد والمعنى أعجزنا حين خلقناهم أولاً فنعيا بالإعادة ثانياً وذلك لأنهم اعترفوا بالخلق الأول وأنكروا البعث {بل هم في لبس} أي شك {من خلق جديد} وهو البعث.
قوله عز وجل: {ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه} أي ما يحدث به قلبه فلا تخفى علينا سرائره وضمائره {ونحن أقرب إليه من حبل الوريد} بيان لكمال علمه أي نحن أعلم به منه والوليد العرق الذي يجري فيه الدم ويصل إلى كل جزء من أجزاء البدن وهو بين الحلقوم والعلباوين ومعنى الآية أن أجزاء الإنسان وأبعاضه يحجب بعضها بعضاً ولا يحجب عن علم الله شيء. وقيل: يحتمل أن يكون المعنى ونحن أقرب إليه بنفوذ قدرتنا فيه ويجري فيه أمرنا كما يجري الدم في عروقه {إذ يتلقى المتلقيان} أي يتلقن الملكان الموكلان به وبعمله ومنطقه فيكتبانه ويحفظانه عليه {عن اليمين وعن الشمال} يعني أن أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله فصاحب اليمين يكتب الحسنات وصاحب الشمال يكتب السيئات {قعيد} أي قاعد وكل واحد منهما قعيد فاكتفى بذكر أحدهما عن الآخر. وقيل: أراد بالقعيد الملازم الذي لا يبرح {ما يلفظ من قول} أي ما يتكلم من كلام يخرج من فيه {إلا لديه رقيب} أي حافظ {عتيد} أي حاضر أينما كان سوى وقت الغائط وعند جماعة فإنهما يتأخران عنه فلا يجوز للإنسان أن يتكلم في هاتين الحالتين حتى لا يؤذي الملائكة بدنوهما منه وهو على تلك الحالة حتى يكتبا ما يتكلم به أنهما يكتبان عليه كل شيء يتكلم به حتى أتيته في مرضه وقيل لا يكتبان إلا ما له أجر وثواب أو عليه وزر وعقاب. وقيل: إن مجلسهما تحت الشعر على الحنك وكان الحسن البصري يعجبه أن ينظف عنفقته روى البغوي بإسناد الثعلبي. عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كاتب الحسنات أمين على كاتب السيئات فإذا عمل حسنة كتبها صاحب اليمين عشراً وإذا عمل سيئة قال صاحب اليمين لصاحب الشمال دعه سبع ساعات لعله يسبح أو يستغفر.

1 | 2 | 3